كان لقائي بهم حافلاً بكثير من الفرح والمفاجأة والإعجاب، فهم فريق عمل متكامل. فوجئت بصغر سنهم وبزخم المعلومات التي يتمتعون بها، وبثقة بالنفس لم أرها منذ زمن لشباب في مثل هذه السن الغضة.
كان الحماس هو محرك حوارهم، وكانت أجوبتهم جاهزة، على الرغم من أن الأسئلة دقيقة ومتخصصة. ذلكم هو فريق المهندسين المعنيين بإطلاق أول قمر اصطناعي إماراتي للاستشعار عن بعد.
نحن هنا أمام حدث مهم وإنجاز كبير يفوق بكثير منجزات عديدة نسمع بها هنا وهناك، فالحدث هو عبارة عن وجود برنامج فضائي ذي تطبيقات متطورة تسهم في صناعة القرار عبر صور وبيانات وخرائط لاستخدامات التخطيط والنقل والبيئة، ولكن المغزى هو ريادة المستقبل وصناعة فارق حضاري جدير بالتقدير والاحترام، فالاستثمار في الأبحاث والتطبيقات المتقدمة هو لغة العصر والسلاح الفاعل والمؤثر، فنجاح الدول ورُقيها مرهون بقدرتها على البحث والتطوير والاستثمار في الاختراعات والتقنيات المتطورة.
وإذا كانت برامج مؤسسة الإمارات للتعليم والتقنيات المتقدمة لا تقتصر على برامج فضاء فقط، بل تمتد إلى الطاقة المتجددة والبيئة والمياه، فإن جميعها يشكل تفاصيل تمثل عصب الحياة اليومية من أجل مستقبل مستدام، لذلك كان من الفطنة الاستثمار في هذا المجال الذي يعد شجرةً تؤتي ثمارها بشكل سريع ومؤكد.
فبدلاً من التوجهات نحو مجالات الاستثمار التقليدية التي أدت إلى كوارث مالية عديدة لابد اليوم من التعلم من التجربة والتوجه نحو مجالات جديدة تعكس قدرات البلد الفعلية وكفاءاتها التي كثيراً ما اتهمت زوراً بالتقاعس والفشل.
هذا النجاح في هذا البرنامج البحثي لن تقتصر فوائده على مجالات البحث العلمي التي نحن بأمس الحاجة إليها، بل ستمتد لتشمل فرص حياة أفضل وتحقيق تنمية متواصلة قائمة على أرقام وحقائق، ولا تنتظر أن يخبرنا بها أحد من الخارج.
هذه المبادرات المتميزة تعكس أيضاً نوعية التعليم الذي ننشده ونحتاج إليه، فطاقات اليوم يجب أن توجه إلى مجالات أكثر جدية وتتماهى مع لغة العصر، فالطاقة والبيئة والعلوم والفلك والاتصالات كلها مجالات تحتاج إلى أن تصب في إطار فاعل في سوق العمل، ولابد من حث الطلاب على الانتهاج هذا الطريق الصائب بلا شك مساراً للحاضر والمستقبل.
هنيئاً لهذا الفريق المتميز والجدير بالاحترام والشد على يديه ليستمر عمله مثمراً نحو آفاق مشرقة.