الغبار يغذّي المـدّ الأحمر ويزيــــــد نفوق الأسماك
اتفق خبراء بيئيون على أن الرياح المحملة بالغبار لا تؤثر سلباً في بيئة الإمارات الطبيعية، مؤكدين أن الرمال جزء من طبيعة الدولة والخليج العربي عموماً، ولا خوف من التصحر، مؤكدين تأثيرها سلباً، في البيئة البحرية، خصوصاً الرمال الحمر التي تعتبر غذاء رئيساً لطفيليات المد الأحمر، إضافة إلى تأثيرها سلباً في مزارع النخيل.
وتفصيلاً: قال رئيس قسم تقييم الأثر البيئي في وزارة البيئة، المهندس حمد المطروشي، إن «الغبار والرمال هما أساس طبيعة الإمارات، إلا أن الطفرة الإنشائية العقارية أضافت إلى الغبار الطبيعي مكونات صناعية، كالإسمنت وغيرها من مواد البناء التي تعتبر الخطر الحقيقي على البيئة».
وتابع أن «الطبيعة الصحراوية للإمارات تجعل الأثر البيئي ضيقاً، فالرياح المحملة بالرمال قد تؤثر في مزارع النخيل لهبوطها على الزهرة ومنع الطلع من الوصول إليها، ما يقلل الإنتاج، وتالياً يؤدي إلى خسائر مالية بين المزارعين، خصوصاً في المناطق المرتفعة التي تعاني من الغبار أكثر من غيرها».
وأوضح المطروشي أن حمل هذه الرمال لمواد مختلفة، يعتبر جزء منها مغذياً أساسياً لما يسمى بالمد الأحمر، الذي استوطن شواطئ الإمارات بعد أن كان يظهر متقطعاً، مشيراً إلى أن «تغذية هذه الانواع من الطفيليات تؤدي لزيادة نفوق الأسماك إضافة إلى نزوحها من المنطقة إلى عرض البحر، ويقلل كميات الصيد، ويزيد الأعباء على الصيادين.
وأشار المطروشي إلى أن تأثيرات الرمال الصحية تفوق تأثيرها البيئي، بسبب حملها لمكونات غير طبيعية كمواد البناء واستنشاقها من قبل الأشخاص، خصوصاً الأطفال، إضافة إلى انعدام الرؤية.
من جانبه قال المستشار البيئي في مجموعة الإمارات للبيئة البحرية الدكتور عبدالمنعم درويش، إن الرمال الحمر الحاملة لأكاسيد الحديد، تعتبر الأشد خطراً على البيئة البحرية، اضافة إلى الاملاح، وذلك لأن وصولها إلى البحر يزيد نمو (المد الأحمر) بشكل غير طبيعي، أي يؤدي لطفرة في النمو».
وأضاف أنه لحسن الحظ فقد جاءت الرياح الرملية في فترة الحر الشديد، اضافة لعدم وجود الأمطار، لأن نمو الهائمات الصغيرة (المد) بحاجة إلى توافر الغذاء (الحديد والأملاح) إضافة إلى انخفاض الحرارة والملوحة.
واستشهد درويش بنظرية بيئية تقول «إن عاصفة في الصحراء الكبرى لإفريقيا تسبب موت الأسماك في خليج فلوريدا»، وفسر درويش ذلك بطبيعة الرمال الخفيفة التي تمكنها من الانتقال لمسافات كبيرة، مع الضرر الذي يمكن أن تحمله معها.
غبار صحراوي
يشار إلى أن دراسة سابقة أعدها طلاب جامعة الإمارات أكدت أن الغبار يشكل غذاء للأحياء الدقيقة في البيئة البحرية لمنطقة الخليج العربي، وأثبتت الدراسات العلمية الدور الإيجابي والحيوي البيئي لهذا الغبار الصحراوي، الذي تحمله هذه العواصف باستمرار، بالنسبة لتغذية النظم البيئية المائية البحرية في منطقة الخليج العربي.
حيث يحتوي الغبار على عناصر غذائية مثل أملاح النيتروجين والفوسفور، الحديد الذي يعتبر العنصر الأساسي في نمو الكائنات الدقيقة، مثل الهائمات النباتية والبكتيريا ذاتية التغذية (النافعة في البيئات البحرية)، والتي تعتبر أول حلقة في الشبكة الغذائية في البيئة البحرية.
«الأرصاد»: انحسار موجة الغبار
أعلن المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، عن بدء انحسار الكتلة الهوائية القادمة من شرق العراق والمحملة بالغبار والأتربة الكثيفة، التي تأثرت بها الدولة منذ الخميس الماضي.
وقال المركز في بيان إن الأحوال الجوية بدأت بالتحسن اعتبارا من صباح أمس، مشيراً إلى أن الكتلة التي تأثرت بها الدولة خلال الأيام الماضية بلغ ارتفاعها عن سطح الأرض 1000 قدم، ما أدى إلى تدني مدى الرؤية بشكل ملحوظ، لتسجل في المناطق الغربية والداخلية 300 متر، وعلى باقي المناطق بين 1000 إلى 3000 متر، ووصلت الرؤية في البحر في الخليج العربي أقل من 100 متر.
وأوضح أن ما تأثرت به الدولة خلال الأيام الماضية ليس عاصفة ترابية، لأن العاصفة الترابية لابد وان تكون الرياح فيها نشطة وقوية، تصل سرعتها الى أكثر من 25 عقدة تقريباً، وهذا لم يتحقق في هذه الموجة، حيث كانت الرياح خفيفة السرعة على كافة المناطق بوجه عام، ولكن ما حدث في الأيام الماضية يسمى بالغبار المحمل.
ويتضح من دراسة خرائط الطقس السطحية والعلوية وصور محطات الأقمار الاصطناعية التابعة للمركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، أن السبب في بقاء هذه الكتلة الهوائية فوق الدولة، هو تمركز واستمرار تأثير منخفض جوي ضعيف على الدولة أدى إلى عدم تحرك الكتلة الهوائية المحملة بالغبار والأتربة العالقة، ودورانها حول نفسها خلال هذه الفترة، ومن ثم أخذ التراب والغبار المعلق بالهبوط بشكل تدريجي خلال الأيام الماضية على كافة أنحاء الدولة، مسبباً انخفاضاً في الرؤية الافقية.
وقال البيان انه منذ ساعات ليلة الأحد بدأت سرعة الرياح في النشاط التدريجي مع تحرك المنخفض الجوي السطحي إلى جنوب الدولة، ما أدى إلى حدوث تشتت للغبار والأتربة العالقة، حيث قلت كثافة الغبار والأتربة المحملة أمس الإثنين، وتحسنت الرؤية الافقية على أغلب مناطق الدولة، لتتراوح في ساعات ظهر أمس بين 2500 إلى 5000 متر، مع ارتفاع متوسط ملحوظ في درجات الحرارة عن يوم أمس، حيث سجلت في مدينة أبوظبي 45 درجة، وفي دبي ،44 وفي الشارقة 44 درجة، وفي رأس الخيمة و العين 46 درجة.
ومن المتوقع أن يستمر التحسن في الأحوال الجوية بشكل تدريجي اليوم، ويصبح الطقس مغبراً بوجه عام في اليومين المقبلين، وحارا إلى شديد الحرارة نهاراً، ويحتمل تكون بعض السحب الركامية على بعض المناطق الجبلية والشرقية عصراً، والرياح معتدلة السرعة تنشط أحياناً، خصوصاً على المناطق الداخلية تكون مثيرة لبعض الغبار والأتربة، خاصة على تلك المناطق، وقد تؤدي إلى تدني مدى الرؤية الأفقية أحيانا والبحر خفيف إلى معتدل.